السؤال: نبدأ أولًا برسالة محمد طه، من الجمهورية السورية، محافظة طرطوس بانياس، يقول في رسالته: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: لقد سمعت برنامجكم هذا فأحببته كثيرًا؛ ولهذا فإنني كبقية المسلمين في أنحاء الأرض نشهد بحق أن المملكة العربية السعودية، والقائمين عليها أنها رائدة في العالم الإسلامي؛ لتبنيها مثل هذه البرامج الإسلامية في إذاعة نداء الإسلام، وفي إذاعة القرآن الكريم التي تهدف إلى ترشيد المسلمين بأمور دينهم وفقها الله، وسهل لها كل مهمة، وزادها حرصًا على نشر الإسلام، وتشجيع المسلمين. ولدي سؤال أرجو أن يعرض في برنامج نور على الدرب، يقول المستمع في سؤاله: كثيرًا ما نتعالج -أي: نتحاور- أنا ورفاقي عما يقال عن نزول عيسى ، فأرجو أن تزودونا بمعلومات إذا ما كان يوجد هناك أي دلالة أو إشارة في القرآن الكريم، أو السنة النبوية الشريفة إلى هذا المعنى، ويقال: بأن هناك حديث شريف بهذا الخصوص، فهل هذا صحيح؟ وفقكم الله، وبارك فيكم. الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد: قد تواترت الأحاديث عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- بالإخبار عن نزول عيسى ابن مريم -عليه الصلاة والسلام-، وأنه ينزل في آخر الزمان في دمشق، وأنه يتوجه إلى فلسطين بعد نزول الدجال، وأنه يقتله هناك في باب لد، والمسلمون معه، وثبت عنه ﷺ أنه يأتي المسلمين وهم قائمون للصلاة، فيريد أميرهم أن يتأخر حتى يؤم الناس نبي الله عيسى -عليه الصلاة والسلام-، فيأبى عليه عيسى، ويقول: إنها أقيمت لك، فصل بهم.
وموته عليه السلام بداية فساد الأرض، وقبض المسلمين، حتى تأتي باقي علامات الساعة على أشرار الناس.
حكم الناس ويقودهم في فتنة يأجوج ومأجوج. من هم قوم يأجوج ومأجوج؟ -قوم من ذرية آدم عليه السلام ، خروج يأجوج ومأجوج من علامات الساعة الكبرى، بدأت الفتحة في سد قوم يأجوج ومأجوج منذ زمن النبي ﷺ: فقد جاء في البخاري: دخل النبي ﷺ ذات يوم في بيته بيت زينب وهو يقول: «ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا؛ وحلق بين إصبعيه»، قالت له زينب: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم، إذا كثر الخبث». كيف يكون هلاك يأجوج ومأجوج؟ يرسل على قوم يأجوج ومأجوج "النغف" في رقابهم، وهو مخلوق صغير كالدود في أنف البعير، فيموت به قوم يأجوج ومأجوج جميعًا، قال رسول الله ﷺ: «فيرسل الله تعالى عليهم "النغف" في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم. ثم يقال للأرض أنبتي ثمرتك وردّي بركتك.
عيسى مازال حيًا ويشير الدكتور علي جمعة إلى أن الأحاديث النبوية دلت جميعها بأن عيسى عليه السلام لا يزال حيًّا وأنه لم يمت، وأنه باقٍ في السماء على الحياة التي كان عليها في الدنيا حتى ينزل إلى الأرض في آخر الزمان. وأما ما أشارت إليه آية آل عمران وآية المائدة من الوفاة قبل رفعه، فالمراد به عند جمهور المفسرين هو: وفاة نوم، أي أن الله تعالى ألقى عليه النوم قبل رفعه إلى السماء. قال ابن كثير في تفسيره: وقال الأكثرون المراد بالوفاة هاهنا النوم؛ كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ [الأنعام:60]، وقال تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً [الزمر:42]. انتهى. وقال القرطبي في تفسيره عن قوله تعالى: فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ [المائدة:117] قال: قيل هذا يدل على أن الله عز وجل توفاه قبل أن يرفعه، وليس بشيء؛ لأن الأخبار تظاهرت برفعه وأنه في السماء حي، وأنه ينزل ويقتل الدجال، وإنما المعنى: فلما رفعتني إلى السماء. موت سيدنا عيسى ولن يموت سيدنا عيسى عليه السلام إلا بين المسلمين، ويدفنه المسلمون في روضة النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث بقي موضع قبر، فقد روى الترمذي عن عبد الله بن سلام عن أبيه عن جده قال: (مكتوب في التوراة صفة محمد وصفة عيسى بن مريم يدفن معه، قال: فقال أبو مودود: وقد بقي في البيت موضع قبر).
قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ليس بَيني وبينه نَبِيٌّ – يعنى عيسى – وإنَّه نازلٌ، فإذا رأَيْتُموه فاعْرِفوه: رجُلٌ مربوعٌ، إلى الحُمْرةِ والبَيَاضِ، بين ممصَّرتَيْنِ، كأنَّ رأسَهُ يقطُرُ، وإنْ لم يُصِبْهُ بَلَلٌ، فيقاتِلُ النَّاسَ على الإسلامِ، فيدُقُّ الصَّليبَ، ويقتُلُ الخِنْزيرَ، ويضَعُ الجِزْيةَ، ويُهلِكُ اللهُ في زمانِهِ المِلَلَ كلَّها، إلَّا الإسلامَ، ويُهلِكُ المسيحَ الدَّجَّالَ، فيمكُثُ في الأرضِ أربعين سَنَةً، ثمَّ يُتوفَّى، فيُصلِّي عليه المُسلِمونَ.
أدلة نزول عيسى عليه السلام من السنة المطهرة الأحاديث في نزول عيسى عليه السلام متواترة أدلة نزول عيسى عليه السلام من السنة المطهرة: إن من أدلة نزول عيسى عليه السلام من السنة المطهرة كثيرةً ومتواترة، وسنذكر بعضاً منها: هناك ما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه: "قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، ليوشكنّ أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً، فيكسر الصليب، ويُقتل الخنزير، ويضع الحرب، ويفيض المال حتى لا يقبله أحدٌ، حتى تكون السجدة الواحدة خيراً من الدّنيا وما فيها". ثم يقول أبو هريرة: واقرؤوا إن شئتم:" وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا " صحيح البخاري. وهذا تفسيرٌ من أبي هريرة رضي الله عنه لهذه الآية بأن المراد بها أن من أهل الكتاب من سيؤمن بعيسى عليه السلام قبل موته، وذلك عند نزوله آخر الزمان. وروى الشيخان أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:" كيف أنتم إذا أُنزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟ صحيح البخاري. وروى مسلم عن جابر رضي الله عنه، قال: سمعتُ النبي عليه الصلاة يقول:" لا تزال طائفةً من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزلُ عيسى بن مريم عليه الصلاة فيقول أميرهم: صلّ لنا.
innovashop-it.com, 2024