۞ وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ ۚ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا ۖ إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8) وقوله: ( وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه) أي: عند الحاجة يضرع ويستغيث بالله وحده لا شريك له ، كما قال تعالى: ( وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا) [ الإسراء: 67]. ولهذا قال: ( ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل) أي: في حال الرفاهية ينسى ذلك الدعاء والتضرع ، كما قال تعالى: ( وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه) [ يونس: 12]. ( وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله) أي: في حال العافية يشرك بالله ، ويجعل له أندادا. ( قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار) أي: قل لمن هذه حاله وطريقته ومسلكه: تمتع بكفرك قليلا. وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد ، كقوله: ( قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار) [ إبراهيم: 30] ، وقوله: ( نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ) [ لقمان: 24].
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا) حتى بلغ ( عَلَى عِلْمٍ) عندي (2) أي على خير عندي. حدّثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا) قال: أعطيناه. وقوله: ( أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ): أي على شرف أعطانيه. وقوله: ( بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ) يقول تعالى ذكره: بل عطيتنا إياهم تلك النعمة من بعد الضرّ الذي كانوا فيه فتنة لهم ، يعني بلاء ابتليناهم به, واختبارا اختبرناهم به ( وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ) لجهلهم, وسوء رأيهم ( لا يَعْلَمُونَ) لأي سبب أعطوا ذلك. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ): أي بلاء. ----------------- الهوامش: (1) قوله ( عندي): أضافه المؤلف إلى معنى الآية ، لمجيئه في حديث قتادة بعده بقليل. وليس في الآية في هذا الموضع لفظة " عندي" ، وإنما هي في آية القصص ، إذ جاء على لسان قارون: ( قال إنما أوتيته على علم عندي).
وقال تعالى:(وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ) لقمان32. فيا أيها الإنسان ، كما عرفت الله في شدتك، فإذن تعرف إلى الله في الرخاء ،يعرفك في الشدة، وإذا أردت أن يستجيب الله لك في الشدة ،فادعه في الرخاء، فلا تقتصر بدعائك على نزول المكروه، وعلى وقت نزول الضر، وعلى وقت نزول المرض ،أو الفقر ،أو الحاجة ،أو الخوف، ولكن ادعه في حال الأمن، ادعه في حال الصحة، ادعه في حال الغنى ، حتى يستجيب لك إذا دعوته في حال الفقر ،والمرض، والخوف.
عربي Español Deutsch Français English Indonesia الرئيسية موسوعات مقالات الفتوى الاستشارات الصوتيات المكتبة جاليري مواريث بنين وبنات القرآن الكريم علماء ودعاة القراءات العشر الشجرة العلمية البث المباشر شارك بملفاتك Update Required To play the media you will need to either update your browser to a recent version or update your Flash plugin.
تفسير السعدى وهذا إخبار عن طبيعة الإنسان من حيث هو، وأنه إذا مسه ضر، من مرض أو مصيبة اجتهد في الدعاء، وسأل الله في جميع أحواله، قائما وقاعدا ومضطجعا، وألح في الدعاء ليكشف الله عنه ضره. (فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ) أي: استمر في غفلته معرضا عن ربه، كأنه ما جاءه ضره، فكشفه الله عنه، فأي ظلم أعظم من هذا الظلم؟" يطلب من الله قضاء غرضه، فإذا أناله إياه لم ينظر إلى حق ربه، وكأنه ليس عليه لله حق. وهذا تزيين من الشيطان، زين له ما كان مستهجنا مستقبحا في العقول والفطر. تفسير البغوى قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وإذا أصاب الإنسان الشدة والجهد (29)، (دعانا لجنبه)، يقول: استغاث بنا في كشف ذلك عنه، (لجنبه)، يعني مضطجعًا لجنبه. ، (أو قاعدًا أو قائمًا) بالحال التي يكون بها عند نـزول ذلك الضرّ به، (فلما كشفنا عنه ضره)، يقول: فلما فرّجنا عنه الجهد الذي أصابه (30)، (مرّ كأن لم يدعنا إلى ضر مسه)، يقول: استمرَّ على طريقته الأولى قبل أن يصيبه الضر، (31) ونسي ما كان فيه من الجهد والبلاء أو تناساه، وترك الشكر لربه الذي فرّج عنه ما كان قد نـزل به من البلاء حين استعاذ به، وعاد للشرك ودَعوى الآلهةِ والأوثانِ أربابًا معه.
innovashop-it.com, 2024