السلام عليك يا مولاي يا أبا محمد. أشهد أنك حجة الله وابن حجته وأبو حججه، وابن أمينه وأبو أمنائه، وأنك ناصحت في عبادة ربك وسارعت في مرضاته، وخيبت أعداءه، وسررت أولياءه. أشهد أنك قد عبدت الله حق عبادته، واتقيته حق تقاته وأطعته حق طاعته، حتى أتاك اليقين. فعليك يا مولاي يا ابن رسول الله أفضل التحية والسلام، ورحمة الله وبركاته.
فأجمع رأيه على اغتيال الإمام زين العابدين(عليه السلام) حينما آل إليه الملك، فبعث سمّاً قاتلاً إلى عامله على يثرب، وأمره أن يدسّه للإمام(عليه السلام)(5) ونفّذ عامله ذلك، فسَمَتْ روح الإمام العظيمة إلى خالقها بعد أن أضاءت آفاق هذه الدنيا بعلومها وعباداتها وجهادها وتجرّدها من الهوى. وقام الإمام أبو جعفر محمد الباقر(عليه السلام) بتجهيز جثمان أبيه، وبعد تشييع حافل لم تشهد يثرب نظيراً له; وجيء بجثمانه الطاهر إلى بقيع الفرقد، فحفروا قبراً بجوار قبر عمّه الزكيّ الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام) سيّد شباب أهل الجنة وريحانة رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) ـ وأنزل الإمام الباقر(عليه السلام) جثمان أبيه زين العابدين وسيّد الساجدين(عليه السلام) فواراه في مقرّه الأخير. ولقد حضر الإمام زين العابدين عليه السلام واقعة كربلاء، وشاهد مصارع أبيه وإخوته وأعمامه، وقد أقعده المرض في تلك الاَيام عن القتال ليبقيه الله تعالى مناراً للإسلام بعد أبيه ويكمل مسيرة جده وأبيه، حتى لا تخلو الأرض من حجة. وكان دور الإمام عليه السلام إكمال عملية التغيير التي سعى فيها أبيه الحسين عليه السلام، فلم يترك مناسبة دون أن يذكّر بالمصائب التي حلّت بأهل البيت، حملة الاِسلام المخلصين، ممّا أدّى إلى تحفيز وإلهاب الشعور بالاِثم الذي أحسّه المسلمون عقب مقتل الحسين - عليه السّلام- ، لتقاعسهم عن نصرته، وموقفهم المتخاذل منه.
innovashop-it.com, 2024